مشارييع التنمية،بين الجدية والعبثية

جمعة, 07/19/2019 - 06:58

لقد سئم الممولون من ضعف أداء المؤسسات العمومية في العالم الثالث و عزوا ذلك الضعف – خطأ أو صوابا - إلى أمور تتعلق بالتسيير فاقترحوا على الحكومات توجيه التمويلات إلى إقامة مشاريع يصممونها - حسب آرائهم – على أسس يرون أنهاستضمن التغلب على أسباب ضعف الأداء تلك.

هكذا تعددت المشاريع في نفس القطاع أحيانا بل وفي نفس المقاطعة.

فكرة المشاريع التنموية منطقية وبالتالي فهي مقنعة من الناحية النظرية ولكن حسن الأداء يعتمد على محصلة الصراع الدائر يبن الجدية والعبثية في مختلف المراحل كما يلي:

 

1. مرحلة الإعداد:

إذا حصل التفاهم بين دولة ما من دول العالم الثالث ومؤسسة تمويل معتبرةتقوم تلك المؤسسة بتكليف خبرائها بإعداد المشروع وتكلف الدولة خبراء من أطرها بالتعاون مع نظرائهم في نفس المهمة.

قد لا تنقص الكفاءة في أي من الطرفين ولكن الجدية قد لا تتوفر أوقد تكون ناقصة أحيانا وخاصة لدى أبناء الوطن إذا شغلهم التفكير في المنافع الآنية التي يمكن جنيها على الصعيد الشخصي وقد يتأثر بعضهم بعقدة (الدونية) فيميل إلى تصديق كل مقترحات الخبراء الأجانبوالذين لا يعرفون الكثير عن الواقع المحلي ولا عن احتياجات المستفيدين الحقيقية.

إذا سادت الجدية في هذه المرحلة جاءت أهداف المشروع موافقة لاحتياجات البلدوجاءت آليات التنفيذ موضوعية وسهلة التطبيقولكن العكس بالعكس.

2. مرحلة اختيار طاقم التنفيذ:

إذا كانت الحكومة جادة في هذه المرحلة تركت عملية اكتتاب الفريق تسير على قاعدة الاستحقاق حسب الكفاءة ويتأكد الأمر بالنسبة لقائد الفريق. أما وأن تعتمد في التعيين على معايير أخرى كإرضاء بعض الجهات فسيتوقف النجاح على كفاءة من سترشحه تلك الجهات أولا ثم على ما ستمنحه من حرية، فهل ستعتبره إطارا وطنيا حصل على منصب عليه أن يثبت من خلال تسييره أنه يستحق الترقية إلى مناصب أفضل بعد انتهاء فترة المشروع أم أنها ستعتبره (بلعوما) تبتلع به المشروع وعندها سيفشل هذا المشروع ويحترقالمسير.

على أية حالة يتم بها تعيين مسير المشروع فنحن نعلم أنه في بلادنا،وربما في بعض دول العالم الثالث، تتقدم المقومات الشخصية على المؤسساتية أي أننا نقدر الشخص على أساس وزنه السياسي والاجتماعي وليس على أساس منصبه الوظيفي أو مءهلاته العلميةوعليه فإذا كان قائد فريق تنفيذ مشروع ما يتمتع بمقومات شخصية وازنة تفتحت أمامه الأبواب وفرض احترامه على المتعاملين فساعده ذلك على نجاح المشروع والعكس بالعكس.

3. مرحلة التنفيذ:

كل مشروع يتبع لقطاع وزاري وصي وإدارة إقليمية متابعة فإذا سادت الجدية كان القطاع الوصي والإدارة الإقليميةبكل مستوياتهما عونا لقائد المشروع على تذليل ما قد يعترضه من عراقيل فيسهل تنفيذ البرامج وبالتالي تحقيق الأهداف المرسومةوأما إذا تسابقت تلك المستويات إلى معاملة المشروع على أساس ما تجني منه من فوائد شخصية آنية ولو بطرق غير قانونية فإن اهتمامات طاقم التنفيذ وخاصة القائد ستتجه إلى محاولة إرضاء الوصايات حرصا على المناصب وبالتالي ستتوجه الجهود والموارد إلى إرضاء (السادة) بدلا من تحقيق المنافع للمواطنين الذين أقيم المشروع لفائدتهم وإن هذا لعمري مثال حي للعبثية.

4. الإعداد لمرحلة ما بعد المشروع:

لكل مشروع مدة حياة محددة يفترض بعدها أن يكون المستفيدون قادرين على مواصلة الأنشطة وصيانة المكتسبات وذلك بدعم وتأطير من المصالح الفنية الحكومية الوصية.

في هذه المرحلة تتجلى محصلة الصراع بين الجدية والعبثية في أحد اتجاهين.

فإذا سادت الجدية متمثلة في التفاهم والتعاون بين المستفيدين والرسميين من جهة وإدارة المشروع من جهة أخرى سيتم إعداد المستفيدين لتحمل مسؤولياتهم والعمل على ضمان ديمومة المكتسبات بعد انقضاء فترة تنفيذ المشروع.

المهندس حبيب الله ولد الهريم