هل عندكم تفسير جديد للآية الكريمة (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض)؟

أحد, 01/29/2023 - 17:52

 

إنها آية عظيمة احتار فيها المفسرون رحمهم الله، يقول تعالى قبل آخر آية من سورة الأحزاب ....

إنها آية عظيمة احتار فيها المفسرون رحمهم الله، يقول تعالى قبل آخر آية من سورة الأحزاب: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: 72]. فما هي الأمانة التي عرضها الله على الجبال وعلى السموات والأرض؟

 

قال بعض المفسرين إنها أمانة الاختيار، فالسموات والأرض والكون كله والجبال ليست مخيرة مثل الإنسان بل لا تعصي أوامر الله فتخضع للقوانين الكونية التي خلقها الله عليها ولا تخالفها، فمثلاً نحن لم نرَ جبلاً يتحرك من مكانه أو جبلاً ينتحر!! بل هي مخلوقات تسبح الله ولا تعصي أمره وتسير وفق نظام ثابت لا تحيد عنه.

 

وقال علماء آخرون إن الأمانة هي أمانة التكاليف الشرعية من صلاة وزكاة وصيام وأوامر ونواه، وقال لي بعضهم ذات يوم: الأمانة هي أمانة العقل، فالمجنون مثلاً لا يُحاسب! لماذا؟ لأنه فقد عقله، ولذلك فإن الله تعالى أكرم الإنسان بهذا العقل الذي يدله على طريق الخير أو الشر.

 

والإنسان منذ أن كان تراباً أودع الله في كل خلية من خلايا جسده كل البرامج والمعلومات التي تدله على الله، فالإنسان يعرف الله بالفطرة، ويميل إلى الخالق بالفطرة، ويتأثر بصوت القرآن بالفطرة، ولو تركنا إنساناً من سكان الإسكيمو مثلاً وحيداً دون أن يتأثر بخرافات من حوله فإنه سيعرف الله بعقله ويدرك وجود خالق للكون.

 

من الأشياء التي يقولها العلماء اليوم أنهم وجدوا أن النظام الافتراضي لدماغ الإنسان هو الصدق! وقد وجدوا ذلك بعد تجارب كثيرة حيث إن الصدق لا يتطلب أي طاقة، ولكن الكذب يتطلب طاقة كبيرة يصرفها الدماغ أثناء الكذب.

 

ولو فتشنا داخل كل خلية من خلايا الإنسان نجدها تحوي برنامج يميل بطبيعته إلى الأشياء الحسنة، والأبحاث العلمية تؤكد ذلك من خلال دراستهم لنظام المناعة في الإنسان. ولذلك فإنه لا حجة لأحد يوم القيامة، فكل إنسان في هذا الكون منذ آدم وحتى يرث الله الأرض ومن عليها أودع الله في خلايا دماغه وقلبه معلومات تدله على الله، ولذلك نجد غير المسلمين يتأثرون لكلام القرآن ويحسون كأنهم عادوا للفطرة الطبيعية بعد اعتناقهم الإسلام.

 

وهذا ما أكده البيان الإلهي، يقول تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 172-174].

 

ــــــــــــ

 

بقلم عبد الدائم الكحيل