المجلس الأعلى للاستشراف والمستقبليات !

جمعة, 03/01/2024 - 09:17

 

كثير من مشاكلنا اليوم و التحديات التي نواجهها كان من الممكن أن تكون أقل حدة أو لا تكون لو أن -وما تجدي لو أن-كوادر الدولة استشرفوا حدوثها قبل خمسين أو ستين سنة خلت.

فهل أخذ واضعو أول دستور موريتاني في حساباتهم تحديات التنوع العرقي و مشكل اللغة و أزمة الهوية و تدخل الغرب و تدخل دول الجوار؟!

وهل أخذ واضعو برامج الإصلاحات التعليمية المتتالية في حساباتهم ما ستؤول إليه أجيالنا في الوقت الراهن، و ما ستكابده من تحديات مريرة حول الوحدة والانسجام و التآلف؟!

وهل وضع مخططو العاصمة و الحواضر الكبرى و بنايات المدارس و المقار الحكومية و مقار الشركات و المصانع و المؤسسات و الملاعب حين وضعوها و خططوا لوضعها أول مرة ما ستؤول إليه عاصمتنا و مدننا الحضرية من تداخلات و فوضوية في العمران و ضيق في الطاقة الاستيعابية والاحتياطات العقارية واتساع الطرق و الأسواق و الساحات العمومية و قصر العمر الافتراضي....؟!

إن أي تنمية لا تقوم على أساس الاستشراف و التوقع تظل تنمية قاصرة مهددة بالمخاطر...

و إن علم الاستشراف الذي هو فرع من فروع علم المستقبل علمٌ لا غنى عنه لدولة تحترم نفسها و تفكر في أجيالها اللاحقة...

و على هذا الأساس لا بد للأمة الموريتانية -في هذا الظرف بالذات- أن تسعى قيادتها السياسية و نخبها الواعية إلى تكوين صورة مستقبلية متنوعة محتملة الحدوث في كل ركن، و في كل منحى من مناحي الحياة الاقتصادية و العلمية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية و العسكرية....

 علينا من الآن فصاعد أخذ العبر من مشاكلنا الآنية لنهرب منها إلى التحليق والغوص في خبايا المستقبل ودروبه، لا بطريقة تكهنية، بل بطرق علمية استكشافية تأخذ في الحسبان مختلف التطورات و التغييرات التي يشهدها هذا العالم المتغير...

لابد لنا من إرساء فكرة الاستشراف التي غابت نهائيا عن الجيل المؤسس...و الجيل الذي بعهده وهلم جرا....

علينا أن نؤسس من الآن فصاعدا -من ضمن مجالسنا العديدة -كآلهة الإغريق-مجلسا أعلى للاستشراف و المستقبليات يكون خاضعا لإلزامية الفهم الدقيق الشامل لتحديات المستقبل.

مجلسا لا تقل أعمار أعضائه عن الستين ...و لا تقل مستوياتهم العلمية عن الدكتوراه أو ما يعادلها....

و علينا أن نعرف أن " المستقبل ليس هو الزمان الذي سيأتي، وإنما هو المستوى النفسي و الفكري الذي يجب أن نكون عليه في الوقت الحاضر" (¹) .

تحياتي وخالص ودي.

عالي المختار اكريكد

 ______________________

- (¹) نقطة البداية، م.ع