موجبه صرامة هيدالة..وزياراته المفاجئة للمرافق العمومية

قصة قصيرة.

فى احد الأيام ، توصل الديوان الرئاسي ( رئاسة الجمهورية إ.م ) ،  بعدة شكاوى ضد بعض المسؤولين فى أماكن متفرقة من البلاد .
من بينها واحدة حملها على الفور وبشكل خاص ، المرافق العسكري للسيد الرئيس المقدم محمد خونا ولد هيدالة ، وكانت  من النوع الذى يوصف فى الدوائر الرسمية ب ( المستعجل ..سري للغاية  URGENT ..Top Secret) ، ضد حاكم مقاطعة المجرية. بتكانت ..
حيث كانت تصف بعض الممارسات التى يقوم بها السيد الحاكم  Monsieur le préfet ضد بعض السكان ، بأنها ليست تكريسا للظلم  و الفساد الإداري والمالي ، والرشوة والمحسوبية ، فقط .
بل ، وفيها إهانة للدولة ..ولرئيس اللجنة العسكرية للخلاص الوطني شخصيا  Le Comité Militaire de Salut National CMSN

.وتنافى روح هياكل تهذيب الجماهير.
أكفهر وجه السيد الرئيس غضبا ..ثم أمضى لحظات شاردا..محدقا فى لا شيء 
ثم أومأ برأسه قليلا إلى مرافقه العسكرى 
اقترب منه ..فقال له :
ـ أسمع ، أولا ينبغى أن يبقى ما ساقوله لك سرا من أسرار الدولة .
ثم أردف:
ـ خذ معك راجلين امظبطه ، يخافان الله .. 
ثم جهز لنا سيارة مدنية ..بها ما يكفينا من الزاد و البنزين لمدة يومين ..و سننطلق عند صلاة المغرب .
ـ A vos ordres Mr le Président ولكن إلى أين
سنذهب ؟
أجابه السيد الرئيس فورا ، كمن كان ينتظر هذا السؤال : 
ـ سوف اقول لك عندما نبتعد عن العاصمة قليلا..
مع توارى الشمس وراء الأفق مساء ذلك اليوم ..كانت سيارة لاندروفير مدنية تقف عند البوابة الخلفية للقصر ..وبها كل ما يلزم من عتاد و و مؤن و رجال..و السائق يده على عجلة القيادة ، لا يعلم إلى اين ستكون الوجهة ..كل ما يعلمه أن قائده المباشر ، أسر إليه بأنه  فى مهمة ..وعليه أن يكون فى كامل الجاهزية ، واليقظة.
كان المرافق العسكري شابا بالكاد تجاوز عتبة الثلاثين ..
من مواليد الضفة ..دخل الجيش وهو دون الثمانية عشرة ..لكنه شاب طموح ..ذو عقل راجح ..و يملك جسما رياضيا قويا ..يظل طول اليوم يفتل شاربه..وهي عادة دأب عليها منذو أن ترك التدخين .
شارك فى آخر خمس سنوات من حرب الصحراء ..حيث خدم فى الجيش ( فى صنكت ولد لكحل) ..وأصبح على اطلاع واسع بالشمال و الوسط ..و قد تعلم الكثير من عادات اهل المنطقة 
خرج السيد الرئيس ، بعد أن صلى المغرب ..ثم تنفل..
كان يرتدى دراعة من شكت 42.. و لثاما قمحيا..يغطى كل رأسه ووجه عدى العينين .
وخرج وراءه شابان بلباس مدني يشبه لباس سكان الصحراء والأرياف.
بعد ثلاث ساعات ، أمر الرئيس بالتوقف ..والنزول غير بعيد من رعاة كانت نيارهم تلوح من بعيد .
اعدوا عشاء على عجل ..وشربوا بعض لبن الإبل ، دون أن يتعرف عليهم الرعاة .
ثم واصلوا السير ..
فى الصباح ، دخلوا المجرية حوالي التاسعة والنصف..
ركنوا السيارة أمام مبنى المقاطعة..
ثم دخل السيد الرئيس ، يتبعه مرافقه العسكري ( وهما بثياب مدنية ).
أمرهما الحرسي المناوب بالتوقف
قال المرافق :
ـ نحن نريد مقابلة السيد الحاكم .
..ارشدهما إلى مكتب الاستقبال..الذى وجدا فيه بعض الجنود يلعبون الورق ..ويشربون الشاي .
سالهما مسؤول المكتب دون أن ينظر إليهما ، ما الذى يريدانه..من الحاكم .
وبعد فترة من المماطلة و اللامبالاة ، قال كأنه اكتشف فجأة حلا لمشاكل العالم :
ـ لا أتورطونى..لعدتو ادورو الحاكم. اعطونى ألف أوقية ، وسجلوا اسمكم.. وانتظروا تحت ذيك الصدراية لعدتو تبقو تنطلصو.
توقف قليلا  ، ليشرب كأسا من الشاي ..ثم أضاف :
- و إلا...هو كاع أكد ايجى وأكد ما ايجى
انزعج كثيرا السيد الرئيس ..لكن مرافقه كان يقظا..فهمس إليه :
ـ سيدى الرئيس ، لاه انعدلو ذه القال لنا اوتوف.
هز رأسه موافقا..ثم جلس على كرسي خشبي متهالك.

ـ ما اسمك ؟!!
قالها وهو يكتب فى سجل اسود كبير 
ـ محمد.خونا ..
ـ محمد خوهم ولل بوهم ول آش ، إورثك ؟!!
ـ ولد هيداله
قالها الرئيس ، بصوت أمتزج فيه الغضب و الانزعاج و الشفقة على هؤلاء الموظفين الفاسدين ، الذين يدفع بهم قدرهم الذى اختاروه ، إلى إساءة استخدام السلطة و ارتكاب افظع الأخطاء ، بدل خدمة الشعب ، والخوف من الله.
أماط اللثام عن وجهه.. ثم طلب من مسؤول الاستقبال و من معه من الحرس ، بالتزام الهدوء.. و أمر بجلب الحاكم عنوة.
بعدها بعدة ساعات فقط ، حدث تغيير شامل فى الإدارة الإقليمية..
منها مثلا إقالة حاكم المجرية فورا ..و تعيين حاكم  و والى عادلين على تكانت ، أصبح لهما شأن كبير فى الحياة السياسية ، فى العقود الاربعة القادمة.!
مروي