توصلت دراسة حديثة إلى أن عقارا معروفا ورخيصا يمكن أن يقلل وفيات مرض كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا المستجد بنسبة 75%، في حين وصفه أحد الأطباء بأنه علاج معجزة، فما هو؟ وما المعطيات المتوافرة حوله؟
العقار اسمه إيفرمكتين (Ivermectin)، وتم اكتشافه في نهاية سبعينيات القرن الماضي، ورُخّص استعماله عام 1981، ويستخدم لعلاج بعض التهابات الديدان الطفيلية. وينتمي إيفرمكتين إلى فئة من العقاقير تعرف باسم مضادات الديدان (antihelmintics)، ويعمل عن طريق شل الطفيليات وقتلها.
وكان الدكتور بيير كوري، العضو المنتدب، الرئيس والمؤسس المشارك في تحالف الخط الأمامي للرعاية الحرجة لكوفيد-19 Front Line COVID-19 Critical Care Alliance (FLCCC) وأخصائي الرعاية الرئوية والحرجة، تحدث أيضًا أمام لجنة في مجلس الشيوخ في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي في فيديو حماسي تمت مشاركته على نطاق واسع.
ويروج الدكتور كوري للإيفرمكتين لعلاج كوفيد-19، باعتباره عقارا “معجزة”، وهو مصطلح قال إنه لا يستخدمه باستخفاف. ويظهر الفيديو الرئيسي المرفق الدكتور كوري يتحدث عن العقار.
وأجرى الدراسة أندرو هيل من جامعة ليفربول وآخرون، وحللوا فيها ما مجموعه 18 دراسة وجدت أن إيفرمكتين مرتبط بتقليل الالتهاب والتخلص بشكل أسرع من فيروس كورونا (الاسم العلمي سارس كوف 2). والدراسة في مرحلة ما قبل الطباعة (preprint) ولم تخضع بعد لمراجعة الأقران.
وفي 6 من هذه التجارب، انخفض خطر الوفاة بنسبة 75% في مجموعة فرعية من المرضى المصابين بكوفيد-19 المتوسط إلى الشديد.
ولا يعتبر إيفرمكتين من الناحية الفنية مضادا للفيروسات، رغم أن هذه النتائج تشير إلى أن العقار قد يتمتع بخصائص مضادة للفيروسات، وذلك وفقا لتقرير في صحيفة فاينننشال تايمز (Financial Times).
وصرح الدكتور هيل للصحيفة بأن نتائج إيفرمكتين كانت مشجعة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لتزويد المنظمين العالميين بأدلة قوية بما يكفي لتبرير الموافقات.
وقال إنه دواء عام يُستخدم في جميع أنحاء العالم، ويكلف 12 سنتا لصنع مادة الدواء.
يقاوم نقل العدوى
وافترض الباحثون أن العقار يمكن أن يزيد صعوبة إصابة الأشخاص بالمرض، ويجعل من الصعب على المصابين بالمرض نقل العدوى إلى أي شخص آخر.
وقال هيل “إذا تم علاج الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بكوفيد-19 على الفور بدواء يزيل الفيروس بسرعة، فقد يجعلهم ذلك أقل عدوى”.
وأضاف “التطعيم أساسي للاستجابة للوباء، لكن هذا قد يساعد في تقليل معدلات العدوى عن طريق جعل الناس أقل عدوى، وقد يقلل معدلات الوفيات من خلال علاج العدوى الفيروسية”.
نقاش
ووفقا لتقرير حديث على موقع ميدسكيب(Medscape) الطبي، فقد أسقطت المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة (NIH) توصيتها ضد عقار إيفرمكتين المضاد للطفيليات غير المكلف لعلاج كوفيد-19، وتنصح الوكالة الآن بعدم التوصية باستخدامه أو عدم استخدامه، تاركة القرار للأطباء ومرضاهم.
ووفقا لإرشادات المعاهد الوطنية للصحة الجديدة الصادرة الأسبوع الماضي، فإن النتائج المستمدة من التجارب السريرية -التي تعمل بشكل كاف، والمصممة جيدا، والمجراة جيدا- ضرورية لتقديم إرشادات أكثر تحديدا وقائمة على الأدلة حول دور إيفرمكتين في علاج كوفيد-19.
وخيب تحديث المعاهد الوطنية للصحة آمال أعضاء تحالف الخط الأمامي للرعاية الحرجة لكوفيد-19 (Front Line COVID-19 Critical Care Alliance)، الذي حدد قضيته لتأييد إيفرمكتين في بيان عام يوم الاثنين. وجادل الفريق المكون من 10 أطباء ضد كل قيد كان وراء قرار المعاهد الوطنية للصحة.
وقال أعضاء المجموعة إنه رغم امتنانهم للتوصية بعدم استخدام العقار، فإن اتباع نهج محايد غير مقبول، حيث تجاوز إجمالي الوفيات في الولايات المتحدة 400 ألف شخص منذ الربيع الماضي، ويقترب حاليا من 4 آلاف يوميا. ويقولون إن نتائج البحث كافية لدعم استخدامه، وإن الدواء سينقذ الأرواح على الفور.
وكتب أعضاء المجموعة “المرضى ليس لديهم وقت للانتظار، ونحن كمقدمي رعاية صحية في المجتمع ليس لدينا هذا الوقت أيضا”.
وقامت المعاهد الوطنية للصحة، التي أوصت في أغسطس/آب الماضي بعدم استخدام إيفرمكتين، بدعوة المجموعة لتقديم أدلة إلى لجنة توجيه العلاج الخاصة بها في السادس من يناير/كانون الثاني الجاري لتوضيح العلم الناشئ المحيط بهذا الدواء، وأشارت المجموعة إلى أدلة متزايدة بسرعة على فعالية الدواء.
ماذا يقول المعارضون
في المقابل، يرى أطباء آخرون أنه لا توجد بيانات كافية لإنشاء بروتوكول لاستعمال العقار، ويقول بعض الأطباء إنهم لن يوصوا به لمرضى كوفيد-19.
فمثلا، الدكتور أميش أدالجا، خبير الأمراض المعدية وكبير الباحثين في مركز جامعة جونز هوبكنز للأمن الصحي في بالتيمور بماريلاند، أخبر ميدسكيب ميديكال نيوز أن تحديث المعاهد الوطنية للصحة لم يغير رأيه، وأنه لا يصفه لمرضاه.
وقال إنه رغم “وجود إشارة كافية”، فإنه يود رؤية المزيد من البيانات، وقال “لم نر أي شيء فيما يتعلق بدراسة قوية حقا”.
وأشار إلى أن جمعية الأمراض المعدية الأميركية (IDSA) لديها 15 توصية لعلاج كوفيد-19، “ولا يتعلق أي منها بالإيفرمكتين”. وأضاف “لا يكفي أن نرى إذا كان يعمل، لكننا نحتاج إلى معرفة من يعمل فيه ومتى يعمل فيه”.