عد جبريل مع رفاقه تقريرا عن جاهزية الجيش للحرب، وسلموا التقرير لوزير الدولة آنذاك، لأن وزير الدفاع كان غائبا يتعالج في فرنسا. وكانت وجهة نظر الجيش واضحة: وهي أن موريتانيا ليست في وضع يسمح لها بدخول الحرب.
بينما كان جبريل ينتظر التعليمات التي ستصدر بعد قراءة الرئيس للتقرير، صدر قرار لم يكن يتوقعه، فقد تم إرساله ملحقا عسكريا بالسفارة في باريس، وكان السفير يومها الدي ولد إبراهيم.
أثناء الحرب كان يتم تكليف جبريل من وقت لآخر بشراء شحنات من السلاح، ومما يذكره أنه مرة بينما كان بصدد توقيع شراء شحنة، سأله المكلف الفرنسي بتسويق السلاح: السيد الضابط كم تريد أن تكون عمولتك؟ فغضب جبريل وقال: وطني في حرب وأهلي قتلى ورفاقي يُستشهدون وأنتم تريدونني أن آخذ على ذلك عمولة ؟! فاعتذر الرجل واعتذر ضباط فرنسيون كانوا حاضرين.
وقعت بعد ذلك أحداث أثرت في جبريل كثيرا، منها استشهاد صديقه اسويدات ولد وداد، وقد ذكر لي مرة إنه ما شعر بسخونة الدمع في حياته إلا مرات قليلة، منها عندما بكى على سويدات ولد وداد رحم الله الجميع.
حينما بلغ السيل الزبى، ووصل قصف البوليساريو أطراف نواكشوط، اتصل جبريل بالسفير الدي ولد إبراهيم وشرح له خطورة الوضع بصفته مختصا في الميدان ومسؤولا عن العتاد، وطلب منه أن ينظم لقاء مع الرئيس الفرنسي جيسكارد دستينه، فكان له ما أراد.
في اللقاء عرض الرئيس الفرنسي مساعدته، فشرح له جبريل أن موريتانيا لا تريد سوى الدعم الجوي، فربطه الرئيس الفرنسي بقيادة أركانه الخاصة، التي ربطته بدورها بقيادة الوحدة الجوية في القاعدة العسكرية الفرنسية بالسنغال، شريطة ألا تكون لموريتانيا أهداف خارج الحدود المتعارف عليها، ويومها جاء الفرج وانكشفت الأزمة، وتمت صيانة المتاح من الأراضي بمساعدة القصف الجوي الفرنسي، وكان جبريل هو المنسق بين قيادة أركان الجيش الوطني، وقيادة الأركان الخاصة للرئيس الفرنسي في عملية القصف.
ومما يذكره جبريل الدور الكبير الذي لعبه مدير اسنيم إسماعيل ولد أعمر في الحرب، فكان إسماعيل، كلما قُصفت السكة، أتى لعين المكان ليشرف على معالجة الوضع، وأثناء الحرب لم يتوقف إنتاج اسنيم مطلقا، فكان يتم التعامل مع الأعطاب والطوارئ بشكل سريع ومهني.
استمر الحال إلى أن انتهت الحرب، وكان رأي جبريل في الحرب أنها الخطأ الأكبر للرئيس المختار ولد داده رحمه الله.
كان جبريل يرى أن البوليساريو حركة موريتانية المنشأ ، حيث تم إطلاق مؤتمرها التأسيسي في موريتانيا، وكانت أهدافها تخدم الحكومة الموريتانية، ولكن تغلب عليها بعد ذلك نفوذ بعض دول الجوار حينها فانقلب الأمر.
في الحلقة القادمة سنتحدث عن انقلاب 78 وكواليسه إن شاء الله