بينما أخذ كل منا مكانه في الطابور انتظارًا لدوره في استلام بطاقة صعود الطائرة المتجهة من نواكشوط إلى الدار البيضاء ، تقدمت سيدة تشق الصفوف حتى وقفت أمام موظف الخطوط المغربية ثم ناولته جواز سفرها وتذكرتها .
لقد وصلتْ متأخرة لكنها لا تريد ان تضيع وقتًا في انتظار من سبقوها .
موظف الخطوط الذي يبدو أنه اعتاد هذا السلوك شرع في استخراج بطاقة صعودها للطائرة لكن أحد المسافرين استفزه الموقف فبادرها بالسؤال عن السر في قدرتها على القفز فوق رؤوس الجميع دون أن تكلف نفسها عناء استئذان ولو كان شكليا مراعاة لابسط قواعد السلوك الحضاري والذوق العام .
جاء الرد صادما " أنا زوجة جنرال وهذا بلدي عودوا لبلدانكم"
السائل دكتور تونسي أخصائي جراحة المسالك البولية استقدمته الهيئة العالمية للإغاثة والرعاية والتنمية في مهمة تطوعية إنسانية ولم يجد من الوقت ما يمنحه فرصة التعرف على بلد سمع عنه الكثير .
لقد كان غارقا منذ وصوله قبل أيام قليلة في اجراء عمليات جراحية نوعية ومعقدة لمواطنين أشاد بدماثة خلقهم وطيب سريرتهم ولكن عبارات زوجة الجنرال المزعوم الجارحة قلبت الصورة لديه.
في قاعة الانتظار استسلمت لغفوة قصيرة قطعها صوته متسائلا مرة أخرى ماذا يعني ان تكون زوجة لجنرال ؟
هممت ان أحيل اليها السؤال وهي جالسة على مسافة قريبة منا لكني تراجعت خوفًا من خروج الموقف عن السيطرة.
في مطار الدار البيضاء كان على زوجة الجنرال المزعوم أن تكمل إجراءات رحلتها إلى دبي ( كما ظلت تردد ) لكن محاولتها اختراق الصف هذه المرة أحبطت بسرعة، ربما لم تدرك انها أصبحت خارج نطاق حدود نفوذ زوجها إن صح زعمها!!
حدثني الدكتور التونسي عن موريتانيين قليلين تعرّف عليهم من بينهم زميله الدكتور الشيخان ولد اجدود ومحمد عبد الرحمن ولد الحاج محاسب مكتب الهيئة العالمية لإغاثة والرعاية والتنمية في موريتانيا وآخرين كانوا السبب في زيارته لنواكشوط في مهمة تطوعية وتركوا لديه انطباعًا خاصًا عن هذا البلد قبل ان يتلاشى أمام سلوك زوجة الجنرال .
قلت له إن " الاستثناء لا يفسد القاعدة " قبل ان يودع كل منا الآخر ثم التحقت برحلتي المتجهة لنيويورك متمنيًا له عودة موفقة لتونس بعد رحلة نواكشوط التي ضربت مزاج يوم كامل قبل ان تشرق شمسه.
*من صفحة الاعلامي الدولي محمد حيدراه