مثلت إساءة الأستاذ المغربي أحمد الريسوني رئيس الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين، كبوة، بل عثرة أكب فيها الرجل على وجهه، وخبط خبط عشواء، وقد تركت في نقس كل موريتاني جرحا غائرا، لا يندمل باعتذار بارد هنا، أو بتسويغ هناك، حتى ينال المسيء جزاء إساءته، ويتلقى الملامة من الدولة الجارة الشفيقة التي ينتمي إليها، ومن الاتحاد العالمي للعلماء الذي يترأسه؛ ذلك مطلبنا ولينصفنا من شاء، أو ليسب:
بلادي وإن جارت علي عزيزة@
و أهلي وإن ضنوا علي كرام
إن من حقنا الطبيعي أن نبالغ في لوم الريسوني على كبوته، لكن تلك الملامة المستحقة، تكتنفها احتمالات الخطأ، بل والمظلمة؛ فليس من العدل تحميل المملكة المغربية أو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تبعة خطيئة الريسوني بحقنا؛ فهو لم يتحدث بصفة انتماء لأي من الجهتين، فبأي حق وذريعة، ولصالح من، نمنح صيادي المياه العكرة فرصة إفساد العلاقات المميزة مع جارة شقيقة، أو المس بمكانة علمائنا في اتحاد..؟!
اشتط البعض فطالب بقطع العلاقات مع الرباط، وحرض على نفض بلادنا يدها من موقف الحياد الإيجابي الذي التزمته من قضية نزاع الصحراء، بعد تخليها عن مقتضيات اتفاق مادريد، واشتط البعض الآخر فطالب بانسحاب بلادنا من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما لو كان للحكومات به شأن، فيما تساءل آخرون عن حجم عائداتنا من هذا الاتحاد..!!
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منظمة علمية، لا تمثل فيها الدول والحكومات، بل تمنح عضويتها بطلب شخصى، تستجيب له هيئات الاتحاد، على معايير معرفية صارمة، لا منافع مادية تعود منه على العضو أو بلده، بل يلتزم كل عضو بمجموعة من الاشتراطات، ومن ثم فلا معنى للتساؤل عن كسبنا، كدولة وبلد، من وجود بعض علمائنا في هيئات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
لست عضوا في أي منظمة او اتحاد، للجهلاء من أمثالي، فضلا عن العلماء، لكني أعلم أن مئات بل آلافا من الموريتانيين، هم اعضاء في العديد من المنظمات عبر العالم، وليس من حق أي كان ان يقحمهم في آثار قضية عارضة افتعلها عضو في هذه المنظمة أو تلك، فضلا عن أن يقحم المنظمة نفسها في أتون تلك التداعيات.
أخيرا فإن الريسوني رجل يرأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بالانتخاب العام المباشر، وليس معينا من شخص أو هيئة تملك حق خلعه بقرار، وقد برئ الاتحاد في بيان من تصريحاته واعتذر عنها اعتذار من لم يقترف إثما، فمطالبته بإقالة رئيسه، خارج الأطر التنظيمية، غباء وسذاجة، فهو رئيس الاتحاد حتى ينعقد مؤتمره، ويتخذ قرارا مبررا بعزله واستبداله..!!
تبقى الإشارة إلى أن فوائد الاتحاد أو غيره من ال
هيئات على أعضائها، لا تقاس أبدا بما طبع من مؤلفاتهم أو نشر من بحوثهم، ولا بما قدم لهم من مزايا شخصية، وإنما تقاس بقناعة العضو نفسه، بانه في المكان الصحيح؛ فلا عجب أن نرى بعض الموريتانيين يشغلون، عبر العالم، مقاعد قيادية في العديد من المنظمات، ومنها الدينية، تحديدا، حيث منهم رؤساء وأعضاء في منتديات شتى، حتى في البلدان التي اتخذت ابراهامية ترمب دينا رسميا لها.
الأستاذ الحسن ملاي اعلي