بقلم: عبد الباقي ولد محمد
العمدة السابق لبلدية النباقية
طالعتنا اليوم مجموعة من المواقع الألكترونية المحلية بعناوين إخبارية تفيد بهجوم شرس من طرف النائب برامه ولد الداه ولد اعبيد، على معالي وزير الداخلية السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين، مؤكدا من خلاله عمل الوزير على حرمان فئات معينة من حق التصويت.
من خلال منع الترخيص له هو شخصيا بحزب سياسي تنتظم داخله الجماهير المؤيدة لمشروعه، وكذا إغلاق مراكز الوثائق المؤمنة في بعض قرى "آدوابه" كي يحال بينها مع التصويت لصالح التغيير، الذي يمثله هو شخصيا.
وحتى لا يبقى الرأي العام عرضة للتضليل والأكاذيب، قررت أن أتناول الموضوع، ليس ردا عن وزير الداخلية فحسب، بل تنويرا للرأي العام وتبيينا لحقائق، قد تكون وارية لعيان الجميع، ولكن التذكير بها يظل ضرورة ما دام تيار جارف من التضليل يسعى إلى طمسها ومحاولة إثبات عكسها.
من هذه الحقائق:
أولا- أنه -بفضل السياسة الحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية ومعاونيه، وخاصة معالي وزير الداخليه السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين- خرجت بلادنا من دوامة الصراعات الفئوية والطائفية المقيتة، والتي غذتها بعض الأنظمة السابقة متخذة منها أداة للتشبث بالحكم وإحكام السيطرة على المواطنين، باعتبارها طوق النجاة الوحيد، الحائل دون نشوب حرب أهلية عرقية بين طوائف مجتمعنا المسالم، فعمدت إلى صناعة أشخاص معروفين، عهدت إليهم وبدعم من جهات خارجية، العمل على زعزعة أمن المواطنين، وإذكاء النعرات العرقية بين مختلف شرائح المجتمع.
ثانيا- أننا سبق وأن عشنا فتره من فوضوية الحالة المدنية، عانت خلالها بلادنا من مخاطر وتبعات انعدام ضبط الحالة المدنية، مما استوجب على الدولة في مرحلة معينة إنشاء وكالة خاصة بالحالة المدنية، وظلت اعمال بعض ممثليات تلك الوكالة محل تشكيك، من طرف المواطنين في ضبط معايير وآليات منح الوثائق المدنية، إلى وقت قريب، وهو ما يستوجب حصرها في نقاط مركزية، حتى تبقى بعيدة عن الشبهات والتشكيك، مع أنها مفتوحة أمام كافة المواطنين وفي جميع أنحاء الوطن، وقد تحسن أداؤها مؤخرا بعد التعليمات الصارمة، لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بإسداء الخدمات للمواطنين بيسر ودون إذلال.
ثالثا- فيما يخص الأحزاب السياسية، فإن وزارة الداخلية -طبقا للقوانين المعمول بها، هي جهة الوصاية وصاحبة السلطة التقديرية، في منح تراخيص الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتتحمل كامل المسؤلية عن تبعيات أي ترخيص يصدر عنها، وبناء عليه فإن أي حزب سياسي يمكن أن ينبني على فكرة عرقية أو جهوية أو قبلية، لا يمكن للوزارة أن تتحمل مسؤلية ترخيصه، خاصة إذا كان المسؤول عنه غير مدرك لخطورة ما يقوم به من دعاية للتفرقة وبث خطاب الكراهية، سعيا إلى زرع الفتن بين طوائف المجتمع وأعراقه، ومع ذلك فالأحزاب السياسية موجودة ومفتوحة أمام كافة المواطنين سياسيين كانوا أو مجرد ناخبين، وبيرام نفسه منخرط في أحد تلك الأحزاب وبفضله حصل على عضوية في البرلمان.
وانطلاقا مما سبق، أود سرد واقعة، كانت قد وقعت في إحدى قرانا في منطقة بوتلميت، حيث يتعايش مختلف شرائح المجتمع في تلك البقعة الطاهرة النقية بحب وسكينة ووقار، يحصل المواطنون فيها على أغلب الخدمات الضرورية، بعضها مجاني كالتعليم والمياه للأسر المحتاجة، وبعضها بأقل الأثمان كالبضائع والصحة وغيرها، وقد عُرف أهلها بقوة التضامن والتآخي والتسامح فيما بينهم، إلى أن جاء بعض بعثات إحدى هذه الحركات العرقية، فبدأت تغزو عقول النساء والأطفال، من خلال بث خطاب الكراهية والتحريض على العنف، فشحنت النفوس وخلقت جوا من التوتر غير مسبوق، لدرجة أن أطفال القرية الذين يدرسون على نفس مقاعد إعدادية القرية الوديعة، وبعد تبادل مختلف أنواع السباب والنعوت التحقيرية المتبادلة بل والمناوشات في بعض الأحيان، قرروا إقامة جولة حرب داخلية، فاستعان بعضهم بالسكاكين ومضى آخر لجمع العصي وتواعد الفريقان في غفلة من الأهالي مكانا قصيا وطرفا مهجورا من القرية الهادئة الوديعة.
إلا أن عناية الله -التي لا حدود لها- حالت دون وقوع الكارثة، حيث علم الأهالي، في الوقت المناسب، فاجتمع رجال الحي، وقاموا بالواجب، وخلصوا في مهرجان شعبي عقدوه في الأيام الموالية، إلى أنهم ليسوا أعداء بعض، بل إن عدوهم الوحيد هو الجهل والفقر، وأن تلك الأفكار المستوردة والتي تحملها بعثات تلك الحركات التخريبية، لا يمكن أن يجني المجتمع والوطن -من ورائها- سوى الويل والخراب، أما أبطال تلك الحركات فإنهم يتلقون تعويضات ومكافآت خارجية، من طرف جهات تسعى إلى تنفيذ أجندات قد لا تراعي صالح الوطن ولا صالح المواطنين.
وخلاصة مما سبق، فإنني أدعو السيد النائب برام ولد اعبيد، إلى أن يتقي الله في مجتمعه، وأن يعمل على نشر أفكار تفيد المجتمع -إذا كان يريد مصلحة مجتمعه فعلا- منها على سبيل المثال:
1- أن يمارس السياسة بشرف ومسؤلية.
2- التوعية حول أهمية التعليم كأداة لضمان مستقبل الأجيال الواعده.
3- أن يدعو إلى محاربة الزواج المبكر -باعتباره السبب الأول في ظاهرة الاسب المدرسي، بالإضافة إلى بعض الظواهر الهدامة كظواهرة التفكك الأسري، التي تحرم الأطفال من حقهم في الرعاية والتربية والتعليم. وكذا ظاهرة انعدام تنظيم الأسرة، التي تسبب عدم سيطرة الأسرة على تربية وتعليم أبنائها. إلى غيرها من الأفكار المفيدة لصالح المجتمع عموما، والفئات الهشة بصفة خاصة، وهي الأرضية الخصبة لعمل المجتمع المدني الذي يدعي أن منظمته تعمل في إطاره.
4- أن يتخلى عن بث خطاب الكراهية وتقويض السلم الأهلي الذي تضرر منه مجتمعه أكثر مما تضرر منه أي مجتمع آخر.
وفي الختام أدعوه إلى أن يتأكد أن معالى وزير الداخلية السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين- أكثر وعيامنه، وحرصا على مصلحة الوطن والمواطنين.