منذ منتصف كانون الثاني/ يناير 2020، توقّف التداول الحر لكافة الأدوية المسكّنة للألم والمضادة للحرارة في فرنسا. أخذت على عاتقها الوكالة الفرنسية العامّة للدواء أن تخضع جميع الأدوية الحاوية على مركّبات ibuprophène والأسبرين والباراسيتامول إلى إذن التداول ما بين الناس بشرط الحصول المُسبق على وصفة طبّية تبيح تعاطيها.
إعلان
الخشية تكون كبيرة من تضرّر الكبد وتسمّمه حين يتمادى الإنسان عبر التطبيب الذاتي بتناول أدوية من فصائل Aspirine وParacétamol وIbuprofène. فالإدمان على بعض الأدوية المسكّنة للألم والمضادة للحرارة بسبب سهولة الحصول عليها من الصيدليات بلا رقيب ولا حسيب وبلا وصفة طبّية تضبط تعاطيها لفترة مؤقّتة، يقود إلى حالات قصور كبدي ناجم عن الفلتان في الحصول على الجرعات العالية، ما يشكّل بنظر السلطات الصحّية الفرنسية خطورة جدّية على الأمن الصحّي. لذلك، لم يعد يُسمح الشراء الحرّ للأسبرين وDoliprane و Advil بلا المرور بالصيدليات وبلا وصفة خطّية من الطبيب المُعالج.
من غير المقبول أن نبقى على علاج الباراسيتامول لفترة متواصلة تتخطّى 5 أيّام. وتكون الجرعات الأربعة المأذون بتعاطيها من الباراسيتامول سامّة للكبد حينما يزيد مجموعها عن 4 غرامات في اليوم. لذلك منذ نهاية عام 2019، ارتدت في فرنسا العلب الكرتونية للعقاقير الحاوية على الباراسيتامول (Dafalgan, Efferalgan, Doliprane,…) رسائل تنبيهية تحذّر من مغبّة الاستخدام العشوائي لها وتنصّ على المضمون الآتي : "الجرعة الزائدة = خطر. تخطّي الجرعة يدمّر الكبد. Surdosage=danger. Dépasser la dose peut détruire le foie »
أتى القرار النهائي الفرنسي بوقف الشراء الحرّ للأدوية المسكّنة للألم ولمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية عقب البلبلة التي نجمت عام 2017 عن موت الشابة الفرنسية Naomi Musenga. هذه الأخيرة بعدما تسممّت بدواء Paracétamol جرّاء تعاطيها له لأيام عدّة بلا وصفة طبّية، طلبت النجدة عبر الهاتف من رجال الإسعاف في مدينة Strasbourg، إلاّ أنّ عاملة الهاتف التي تلقّت نداء السيّدة Musenga استخّفت بوضعها واعتبرته خارج نطاق الحالات الطارئة.
الناضجون الذين يزيد وزنهم عن 50 كيلوغراما، لا يجوز أن يستوعب جسمهم في 24 ساعة أكثر من 3 غرامات من الباراسيتامول. هذا يعني أنّ كلّ جرعة تكون مؤلّفة من غرام. حينما نأخذ الجرعة الأولى، ننتظر 6 ساعات ما قبل أن نبادر إلى أخذ الجرعة الثانية. وبعد الحصول على الجرعة الثانية، نصبر 6 ساعات أخرى كي نأخذ الجرعة الثالثة والأخيرة في اليوم الواحد، شرط أن يكون الطبيب هو الذي طلب منّا التداوي بعقار الباراسيتامول. إن لم يكن الطبيب هو الذي من طلب منّا التداوي بعلاج الباراسيتامول، لا يجوز التفكير إطلاقا بالتطبيب الذاتي.
في الشقّ المتعلّق بالمحاذير التي تطال حصرا الأدوية المضادة للإلتهابات غير الستيروئيدية من مثيلات Profénide, Diclofénac , Kétoprofène, Advil, Surgam، لا يجوز أن تؤخذ تلك الأدوية لتطبيب الآلام الطفيفة والحرارة المرتفعة والالتهابات الحاصلة في الخناق الصدري والسعال. يكون البديل الأنسب عن هذه الأدوية هو عقار الباراسيتامول، شرط التقيّد بالجرعات اليومية وعدم التمادي بأخذها خبط عشواء.
في معالجة الأطفال المصابين بجدري الماء، لا ينبغي التفكير بمضادات الالتهابات غير الستيروئيدية. لتخفيف عناء الالتهاب عن الأطفال المصابين بجدري الماء، يكون الحلّ الأمثل بإعطائهم الباراسيتامول بدل الأدوية المضادة للإلتهابات غير الستيروئيدية.
إنّ الاستخدام المتهوّر والعشوائي للعقاقير المضادة للالتهابات غير الستيروئيدية ينجم عنه اضطرابات شديدة الخطورة في الكلى وتعقيدات التهابية حادّة. وهذه الأدوية تكون سامّة للجنين في حال تناولتها المرأة الحامل في الشهر السادس من الحمل.
ضيفة الحلقة، منار مراد، الدكتورة الإختصاصية في تسكين الألم والتخدير في مستشفى جورج بومبيدو في باريس.