الطفل يميز الخير والشر

أحد, 03/05/2023 - 10:09

ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ﻭﺗﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻣﻨﺬ

ﻭﻻﺩﺗﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻣﺒﺮﻣﺞ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺭﻓﺾ ﺍﻟﺸﺮ، ﻭﻫﺬﻩ

ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻳﻌﻴﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ

ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ....

ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﻏﻮ University of Chicago

ﺗﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺮﺿﻊ ﻭﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻳﻤﻴﺰﻭﻥ ﺑﻴﻦ

ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﻲﺀ . ﻭﻳﻘﻮﻝ

ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺇﻧﻬﻢ ﺗﻔﺎﺟﺄﻭﺍ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ

ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ .

ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﺮﻭﻓﺴﻮﺭ Jean Decety ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ

ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ، ﺣﺴﺐ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ

ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﺜﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﻓﻮﺍﺭﻕ " ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ .." ﻭﻟﻜﻦ

ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺭﺩﻭ ﻓﻌﻞ

ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺗﺠﺎﻩ ﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺨﻴّﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ... ﻭﻟﻜﻦ

ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﺬﻫﻞ ﺣﻘﺎً ﻗﺪﺭﺓ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮﺓ،

ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻭ

ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﺎ ..

ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻜﺮ

ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﺃﻱ ﻋﺎﺩﺍﺕ

ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﻫﻲ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .. ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ

ﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺭﻳﺘﺸﺎﺭﺩ

ﺩﺍﻭﻛﻴﻨﺰ، ﻳﺒﻴﺢ ﺯﻧﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﻡ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻭﺍﻟﺸﺬﻭﺫ ... ﺑﺤﺠﺔ

ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻧﺴﺒﻲ ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻘﺒّﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻱ

ﺗﺼﺮﻑ ﻳﻤﻜﻦ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺻﺤﻴﺤﺎً ..

ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻣﺨﺰﻧﺔ ﻓﻲ ﺟﻴﻨﺎﺕ

ﻛﻞ ﻃﻔﻞ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ

ﻭﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺠﻴﺪ ﻭﻳﻤﻘﺖ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﻲﺀ .. ﺃﻱ ﺃﻥ

ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺧﻼﻳﺎ ﺃﺟﺴﺎﻣﻨﺎ .. ﻭﺇﻥ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ

ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ... ﻛﻠﻬﺎ

ﺗُﺨﻠﻖ ﻣﻌﻨﺎ ﻭﻻ ﻧﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺜﺒﺖ

ﺻﺪﻕ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏(ﻓَﺄَﻗِﻢْ ﻭَﺟْﻬَﻚَ ﻟِﻠﺪِّﻳﻦِ ﺣَﻨِﻴﻔًﺎ ﻓِﻄْﺮَﺓَ

ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﻓَﻄَﺮَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻟَﺎ ﺗَﺒْﺪِﻳﻞَ ﻟِﺨَﻠْﻖِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺫَﻟِﻚَ ﺍﻟﺪِّﻳﻦُ

ﺍﻟْﻘَﻴِّﻢُ ﻭَ ﻟَﻜِﻦَّ ﺃَﻛْﺜَﺮَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻟَﺎ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ‏) ‏[ ﺍﻟﺮﻭﻡ : 30 ‏] .

ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻄﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻓﻄﺮﺓ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻭﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ

ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻨﺎ ﻭﻣﻨﺬ

ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺨﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺗﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﻟﻴﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﺑﻴﻦ

ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ ... ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺘﺮﻙ ﻟﻨﺎ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ

ﻭﻟﻸﺳﻒ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺨﺘﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ

ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺍﺧﻠﻬﻢ ﺗﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ .. ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ

ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺮﺃﻭﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺗﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ .. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ

ﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏( ﻭَ ﻟَﻘَﺪْ ﺻَﺮَّﻓْﻨَﺎ ﻓِﻲ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ ﻟِﻴَﺬَّﻛَّﺮُﻭﺍ ﻭَ ﻣَﺎ ﻳَﺰِﻳﺪُﻫُﻢْ

ﺇِﻟَّﺎ ﻧُﻔُﻮﺭًﺍ ‏) ‏[ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ : 41 ‏] .

ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺮﻭﻓﺴﻮﺭ ﻭﺑﻌﺪ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ

ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ : ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﻷﻭﻻﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺣﺴﺎﺳﻴﻦ

ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ، ﻭﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ .. ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ

ﻧﻌﻴﺶ ﺑﺴﻼﻡ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻭﺍﻋﻴﻦ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ

ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻄﻔﻞ .. ﻭﻟﺬﻟﻚ

ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻤﺎﺭﺱ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ

ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﻢ ... ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ : ﺃﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺩﻳﻨﻨﺎ

ﺍﻟﺤﻨﻴﻒ؟

ﻟﻘﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺣﺒﻴﺒﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻷﻃﻔﺎﻝ

ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ .. ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻷﻥ

ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺣﺴﺎﺱ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻣﺎﻣﻪ

ﻓﻴﻜﺘﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ .. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :

‏( ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻋﺪﻟﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﻻﺩﻛﻢ ‏) ‏[ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ‏] ...

ﻓﻬﻞ ﺃﺩﺭﻙ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻗﺒﻞ

ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﻏﻮ ﺑﺄﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧﺎً؟؟

ــــــــــــ

ﺑﻘﻠﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﻜﺤﻴﻞ