جرت العادة انه بمناسبة اقتراب كل استحقاق خاصة رئاسي ان تجتاح الفضاءات العمومية وقاعات الفنادق والمنازل تجمعات “تعبوية” ذات طابع شخصي، قبلي او جهوي متجاوزة الاطر المدنية والمؤسسية الحديثة كالاحزاب وغيرها،وذلك لاعلان الولاء و التقرب لهذا المرشح اوذاك وخاصة الاوفر حظا بالفوز فى الانتخابات الرئاسية.
كل ذلك بظهور صوري للمواطن و تهميش واقصاء له في ان واحد. المواطن الذي دأب نظامنا الديمقراطي علي عدم الاكتراث بمطالبه واحتياجاته لان الموالون للسلطة لايتوقفون يوما لمعرفة الي اي حد تم تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس المنتخب وبالتالي تحديد الاختلالات والنواقص بغية سدها، لان اهتماماتهم في الاصل منصرفة اذا كانوا اطرا الي الامتيازات التي سيحصلون عليها من التعيينات واذا كانوا “تيفاي” او رجال اعمال
يطمعون في الحصول علي الصفقات العمومية.وبهذا يبقي وضع المواطن المسكين علي حاله دون اي تحسن يذكر او خدمات يستفيد منها.
وفي هذه الحالة كذلك يبقي الرئيس المنتخب الذي اجتهد في انجاز برنامج انتخابي يستجيب في كل محاوره الي احتياجات المواطنين دون سند جدي اوظهير حقيقي من النواحي التنفيذية والسياسية والاعلامية.
اما من جهة المعارضة تظل هي الاخري في صراع مرير حول مشروعية اي احزابها يمثلها حقا ويحتدم الصراع بينها بحيث ان من ينظر الي الموالاة بسلبية اكثر هو المعارض الحقيقي الساعي الي سحب البساط من تحت كل الوان الطيف المعارض.
ويتلاشي دور المعارضة في قدرتها علي من جهة السعي الي لفت انتباه الموالاة علي النواقص في هذا المجال اوذاك و من جهة اخري اقتراح بدائل عن السياسات والاستراتجيات التي تنفذها الموالاة وحكوماتها.
وفي هذه الحالة يبقي المواطن ضحية لنظام اريد له في الاصل ان يكون في خدمة الشعب ويتكفل بهمومه وحاجاته.
ان الديمقراطية ليست هدفا في حد ذاتها فينبغي ان ينظر اليها كما هو الحال في كل البلدان التي اتخذتها نظاما للحكامة السياسية علي انها وسيلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فرغم الجهود التي بذلها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني من اجل تهدئة المشهد السياسي و ترشيد اداء الموالاة علي الصعيدين التنفيذي و السياسي فان ارادته لم تلقي ما تستحق من التقدير. وتجلي ذلك من الناحية السياسية في التقصير عن تسويق وايصال الي الرأي العام علي نحو ايجابي كل الانجازات التي تم تحقيقها.كما تمثل في العجز ان لم يكن الالتفاف علي توجيهاته في المنحيين الاجتماعي والسياسي المتعلقة مثلا بالقطيعة مع الصور النمطية حول بعض فيئات المجتمع والعقليات الاقطاعية الاستعلائية والنظرة الدونية ومن جهة التنوع العرقي و الثقافي قتل نداء جول في المهد،
في الوقت الذي تتعالي فيه النزعات الخصوصية الشرائحية والعرقية التي تهدد اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية.
علي المستوي التنفيذي لو ان الاجهزة الرقابية قامت بدورها وهي تملك الوسائل والصلاحيات لذلك لما وقف الرئيس نفسه علي الورشات وطلب من المؤسسات اتمام عمل المشاريع في الاجال المطلوبة وطبقا لدفاتر الالتزامات، واعطي تعليماته من اجل تسريع وترة تنفيذ الاشغال ولما ابان عن النقص الملاحظ في مجالي الماء والكهرباء في مدينة انواذيبو العاصمة الاقتصادية وعاصمة ولاية داخالت انواذيبو.
ضف الي ذلك ما نسمع من تساؤلات عن نتائج الطاولة المستديرة لتنمية الحوض الشرقي وتظاهرة تمبدغة الخاصة بالتنمية الحيوانيه.
نظرا لكل ذلك اليس من المشروعية بمكان ونحن علي اعتاب الانتخابات الرئاسية ان نتساءل ماذا سيجني المواطن من كل هذه التظاهرات ذات الطابع القبلي والشخصي؟ والمبادرات التي تقام هنا وهناك؟
الا يستحق مرشحنا ومرشح الموالاة دعما يسعي الي التفكير المعمق حول سد النواقص والاختلالات في ماتم انجازه والعمل الجاد من اجل ان تكون ماموريته الثانية تتمة لما انجز وتحقيق المزيد من الانجازات و اسناد المهام المتعلقة بذلك لكفاءات حقيقية بعيدا عن الزبونية والمحسوبية وصراعات الاجنحة التي لا تؤول الا الي تصفية الحسابات واعطاء المناصب ومايترتب عنها من امتيازات لغير المستحقين؟
ان مثل هذه الوضعية هي الاكثر ملائمة لنشر الاحتقان والاستياء في عموم الناس وهي كذلك المنبت الاكيد للنزعات والخطابات العرقية والشرائحية وهي مدعاة ليحل التطرف والوعي اللوني وخطاب الكراهية محل الايمان بالوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية،بالاضافة إلى اننا في غني عن دفع بعض ابناء شعبنا الي الاعتقاد بانهم مواطنون من درجة ثانية في وطنهم.