المدير العام لمعهد الفيروسات يقدم إستقالته احتجاجا على عدم تجاوب وزارة الصحة مع توصياته

ثلاثاء, 03/04/2025 - 22:24

أودع المدير العام للمعهد الوطني لأمراض الكبد والفيروسات لبروفيسور المصطفى محمدو مناه استقالته لدى وزارة الصحة، وبررها بالوضعية التي تعيشها المؤسسة منذ سنوات، مؤكدا أنه راسل الوزارة بخصوصها أكثر من مرة.

وقال ولد مناه في رسالة الاستقالة التي وجهها لوزير الصحة إنه اتخذ قرار الاستقالة بعد عدة تحذيرات متكررة أرسلها خلال السنوات الماضية حول تدهور الوضع الذي أصبح يمس الأسس الأخلاقية والمهنية للمؤسسة على الرغم من جهوده وجهود الطاقم المتواصلة لتحسين الوضع.

وأكد ولد مناه أنه خلال السنوات الماضية لم يتم اتخاذ أي إجراء فعلي للمساهمة في تحسين الوضع الذي يهدد بفقدان المعهد لمصداقيته، كما يهدده هو شخصيا بفقدان مصداقيته المهنية والأخلاقية.

ولفت لبروفسير ولد مناه إلى أن المعهد ما يزال يعاني من نقص خطير في الموارد البشرية والمعدات، وهو ما يؤثر سلبا على جودة الخدمات المقدمة لمرضى التهاب الكبد.

ونبه مدير المعهد إلى أن الكبد يعد من الأمراض الأكثر خطورة التي تؤثر على صحة الشعب الموريتاني، مضيفا أن الظروف التي يوجد فيها المعهد تتسبب في تعطيل أنشطته، ويزيد من وقع ذلك النقص الواضح في الأدوية والمعدات الطبية، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة للمرضى، ويعرض حياتهم للخطر.

وعدد ولد مناه ضمن المشاكل المالية التي يواجهها المعهد تأخر صرف رواتب موظفيه مما يشكل عبئا ماليا كبيرا على العاملين، ويؤثر سلبا على استمرارية عملهم، وحماسهم، ويولد شعورا بالإحباط ينعكس على مستوى الخدمات المقدمة للمرضى.

كما تحدث عن غياب التشاور مع الجهات المعنية والسلطات المختصة ما يعزز الوضع الصعب الذي تعرفه المؤسسة، معتبرا أن ذلك دعاه للمطالبة أكثر من مرة بإيجاد حلول عاجلة من أجل تحسين الوضع وإنقاذ حياة المرضى

وأكد ولد مناه لوزير الصحة أن التهاب الكبد الفيروسي B وC يمثلان تهديدا صحيا كبيرا يؤثر على حياة نصف مليون مواطن موريتاني، وهو مرض يمكن أن يتطور إلى سرطان الكبد الذي يعتبر قاتلا، منبها إلى أنه في كل أسرة من الأسر الموريتانية، يوجد على الأقل شخص مصاب بهذا المرض.

وتحدث ولد مناه عن الجهود التي قام بها خلال توليه إدارة المعهد كإقامة شراكات متعددة لتعزيز جهود مكافحة الوباء، وكإطلاق حملات تلقيح في مناطق مختلفة من البلاد، وكذا إطلاق حملات تحسيس حول الوباء وخطورته، ومستوى انتشاره في صفوف المواطنين.

ترجمة لنص رسالة الإستقالة:

وزارة الصحة

الجمهورية الإسلامية الموريتانية

المعهد الوطني لأمراض الكبد والفيروسات

المدير العام

 

إلى معالي وزير الصحة،

 

الموضوع: استقالتي من منصب مدير المعهد الوطني لأمراض الكبد والفيروسات

معالي الوزير،

أبعث إليكم عبر هذه الرسالة استقالتي من منصبي كمدير للمعهد الوطني لأمراض الكبد والفيروسات، وذلك بعد العديد من التنبيهات بشأن تدهور وضعية المؤسسة، ورغم الجهود والمساعي التي قمت بها على مدار ثلاث سنوات لتحسين الأوضاع، أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ هذا القرار حفاظًا على نزاهتي المهنية والأخلاقية.

المعهد الوطني لأمراض الكبد والفيروسات مكلف بمعالجة أحد أخطر الأمراض التي تصيب بلدنا، لكنه يواجه صعوبات هائلة أدت إلى توقف نشاطه بشكل شبه كامل. المعدات قديمة، والأدوية غير كافية، والطاقم الطبي يعاني من ضغط العمل الهائل، مما يؤثر بشكل خطير على جودة الرعاية المقدمة للمرضى ويعرض حياتهم للخطر.

تأخر دفع رواتب العاملين بالمستشفى أصبح متكررًا، مما يخلق وضعًا ماليًا صعبًا للموظفين، ويؤثر سلبًا على حافزهم والتزامهم المهني. هذا الوضع غير مقبول ويعكس انعدام الاهتمام من قبل السلطات المختصة تجاه الكادر الطبي الذي يسهر على راحة المرضى.

أذكركم بأن التهاب الكبد الفيروسي B هو مرض خطير يصيب حوالي نصف مليون من مواطنينا، ويمكن أن يتطور إلى سرطان الكبد القاتل.

في كل عائلة في بلدنا، هناك شخص واحد على الأقل مصاب بهذا المرض.

تم وضع استراتيجية وطنية لمكافحة التهاب الكبد B عام 2014 بالتزامن مع إنشاء المعهد الوطني لأمراض الكبد والفيروسات، لكنها بقيت مجرد وثيقة نظرية لم تُنفذ. كما تم إعداد توصيات من قبل الجمعية الموريتانية لأمراض الجهاز الهضمي عام 2018 من قبل فريق طبي متخصص، وهي وثيقة ذات أهمية كبرى تم تجاهلها للأسف من قبل السلطات المختصة.

على أرض الواقع، قام المعهد بإنشاء وحدتين نموذجيتين للكشف والتطعيم ضد التهاب الكبد B عام 2022، إحداهما في العيادة متعددة التخصصات في نواكشوط والأخرى في تجكجة، لكنهما مغلقتان حاليًا بسبب نقص الموارد.

كما نُظمت ثلاث بعثات ميدانية داخل البلاد، مكنت من فحص حوالي ثلاثة ملايين شخص، وتمت في مناطق الحوض والعصابة وداخلت نواذيبو، مما أظهر أن معدل انتشار المرض لا يزال مرتفعًا، حيث يصل إلى 15٪ في بعض المناطق.

خلال هذه البعثات، تم تلقيح 2426 شخصًا بالغًا. لكن المعهد لم يستطع الاستمرار في هذه الأنشطة بسبب نقص التمويل من الوزارة.

أبرمنا أيضًا اتفاقيات مع APHP (المساعدة العامة لمستشفيات باريس) لتدريب جراحينا، بالإضافة إلى أطباء الأشعة وأطباء التخدير، ولكن الاتفاقيات لم تُنفذ حتى الآن بسبب غياب التعاون المالي.

كما بدأنا محادثات مع معهد الصحة العامة في جامعة كولومبيا (ICAP) عام 2019 لتنفيذ برنامج للقضاء على التهاب الكبد B في موريتانيا بحلول عام 2030، وفقًا لأهداف منظمة الصحة العالمية. لكن هذا البرنامج لم يرَ النور بسبب عدم تعبئة الموارد المالية اللازمة من طرف الدولة الموريتانية.

لقد طلب مني الشركاء دفع 100,000 دولار، أي ما يعادل 40 مليون أوقية قديمة، ضمن ميزانية تتجاوز 10 ملايين دولار، كان من المفترض أن تتكفل بها ICAP، لكن لم تكن هناك استجابة من الحكومة.

كذلك، بدأنا اتفاقية مع مركز أبحاث إسباني متخصص في العلاج المناعي لسرطان الكبد، وهو فرصة علمية فريدة، حيث كانت مساهمة الدولة المطلوبة 25,000 يورو فقط (حوالي 12 مليون أوقية قديمة)، ولكن هذه الاتفاقية لم يتم تنفيذها بسبب عدم مشاركة الحكومة الموريتانية.

على الرغم من جهودي وجهود زملائي والعديد من الرسائل الموجهة إلى مجلس الإدارة لتحذير السلطات الصحية من هذه المشاكل وإيجاد حلول، إلا أننا نصطدم دائمًا بنقص الدعم المالي، مما يجعل أي تحسين في وضعية المعهد أمرًا مستحيلًا.

على العكس، نشهد تقليصًا في الدعم الحكومي، فقد تم تخفيض الميزانية المخصصة لمعدات التشخيص والوقاية من التهاب الكبد بمقدار 60 مليون أوقية، رغم أننا تمكنا من استعادتها في 2024، لكنها قد تختفي مجددًا في 2025.

أخيرًا، معالي الوزير، من غير المقبول أن يظل معدل انتشار التهاب الكبد B في موريتانيا عند مستوى 15٪، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم.

تحقيق هدف القضاء على التهاب الكبد B بحلول عام 2030 كما تنص عليه منظمة الصحة العالمية، يتطلب تمويلًا كافيًا وإرادة حقيقية لقيادة حازمة في المجال الصحي.

لهذه الأسباب، لا يمكنني الاستمرار في تحمل مسؤولياتي كمدير، وأفضل الاستقالة حتى لا أكون شريكًا في هذه الأزمة الصحية الخطيرة.

رغم ذلك، أظل تحت تصرفكم لتقديم أي معلومات إضافية أو تسهيل عملية تسليم المهام لمدير جديد.

أشكركم على الثقة التي منحتموها لي، وأتمنى أن تجدوا الحلول المناسبة لإنقاذ هذه المؤسسة الصحية الحيوية في بلدنا.

تفضلوا، معالي الوزير، بقبول فائق احترامي وتقديري.

الدكتور مصطفى محمدو مناه

التوقيع والختم الرسمي

 

 

 

بقية الصور :